تشكلت وبُنيت استراتيجيات التعلم النشط على مدار السنين على عدة مفاهيم وأهداف واضحة جعلت منها عنصراََ مميزاََ في العملية التعليمية، وضرورة من ضرورات التعليم في سبيل بناء جيل واعي ومثقف ويمكن الاعتماد عليه في بناء الأمة والنهوض بها، ويمكن القول أن أبرز هذه الأهداف كانت متمثلة في تعزيز دور الطالب وتفعيله في الحصة الدراسية من خلال اشراكه في جميع المهارات والخبرات العديدة في سبيل العملية التعليمية وفي سبيل الحصول على المعلومات من المعلم، ومن جهة أخرى أن لا يقتصر فقط على المعلومات التي يقدمها المعلم بل يبحث فيها ويجد الأوسع والأكثر شمولية منها، لتبقى معه على الذاكرة بعيدة المدى، إضافة إلى أن هذه الاستراتيجيات كانت ممتعة التطبيق أي أن الطلاب لم يعودوا يشعرون بالملل بسبب الركود والجمود في الدرس وإنما يتخلل الحصة الدراسية جو من النشاط والحركة والمتعة، ولعلَّ من أبرز هذه استراتيجيات التعلم النشط، كانت استراتيجية تدريس الأقران.
استراتيجية تدريس الأقران:
وهي من الاستراتيجيات التعليمية الحديثة التي كانت غايتها إشراك جميع الطلاب في الحصة الدراسية بطريقة مختلفة عن غيرها من استراتيجيات التعلم النشط.
حيث يقوم المبدأ العام لها على جعل دور المعلم في الحصة يقتصر على تدريب الطلاب على الاستراتيجية بعيداََ عن شرح اي معلومة عن المحتوى الدراسي، ودور كل طالب يكمن في شرح جزء من الدرس كما لو أنه كان المعلم.
ومن المميز في هذه الاستراتيجية أنه يمكن تطبيقها على كل المراحل الدراسية ومع جميع المواد الدراسية.
وكذلك على جميع الطلاب باختلاف مهاراتهم وقدراتهم ومستوياتهم.
الهدف من استراتيجية تدريس الأقران:
تتميز الاستراتيجية بالعديد من الأهداف والمزايا، التي جعلت منها ضرورة تعليمية لا بد منها، ومن ضمن أبرز هذه الأهداف، نذكر:
- تنمية اعتماد الطلاب على أنفسهم وتعزز من قدرتهم على تحمل المسؤولية.
- تسهيل فهم المعلومات على الطلاب و دراستها وحفظها على الذاكرة بعيدة الأمد.
- تنمية قدرات الطالب العقلية وتعزيزها.
- تشجيع الطلاب على النجاح والدراسة والاجتهاد فيما يتعلموا.
- احترام الطلاب لآراء وأفكار زملائهم.
- تنمية مهارات التفكير العليا الإبداعية لدى الطلاب.
- خلق جو من التحدي والمنافسة الشريفة والايجابية بين الطلاب.
- تقضي على مبادئ العملية التعليمية التقليدية في جعل الطالب متكلاً على غيره للحصول على المعلومات، و كذلك تقضي على الجمود الفكري عند الطلاب وتعزز وتحفز من التفكير لديهم.
- تعزيز التعاون والعمل الجماعي فيما بينهم.
- تشجيع الطلاب على الاندماج والمشاركة في الحصة الدراسية والتفاعل بشكل إيجابي ومميز.
- تقوية العلاقة بين المعلم والطلاب وجعل التواصل إيجابي فيما بينها.
خطوات استراتيجية تدريس الأقران:
- يقوم المعلم بدايةََ بتحديد أحد المواضيع أو النصوص من المنهاج المدرسي في الحصة التي تسبق حصة التطبيق، ومن ثم يطلب من الطلاب تحضير وتجهيز الدرس جيداََ بأنفسهم من أجل أن يقوم كل طالب منهم بشرح قسم منه في الحصة القادمة، وذلك من خلال تحديد الأسئلة والإجابة عليها وكذلك تحديد مدون الأفكار.
- وفي حصة تطبيق الاستراتيجية، يطلب المعلم من الطلاب تقسيم الدرس إلى أجزاء بحيث يتولى كل طالب قسم من الدرس لشرحه.
- ثم تبدأ عملية شرح الدرس، بحيث عندما ينتهي كل طالب من شرح الجزء الخاص به، يترك المجال أمام زميله ليبدأ هو الآخر بشرح قسمه، ويستمر التطبيق بنفس الشكل.
- ويمكن أن يقوم المعلم بتقسيم الطلاب إلى مجاميع ثنائية أو أكثر، بحيث يقوم كل طالب بشرح قسمه من الدرس إلى زميله، و الذي يقوم بمشاركته المعلومات والأفكار والملاحظات.
- وفي ختام التطبيق، يحق لباقي الطلاب أن يناقشوا مع المجموعة التي تقوم بشرح الدرس حتى الوصول إلى فهم المعلومات بشكل تام، وكذلك الوصول إلى إجابات صحيحة.
- وأثناء الشرح والتطبيق، يكون المعلم مراقب لأداء كل طالب، وملاحظ لكل نقاط الضعف لديه ليتم توجيهه وتصحيح المغلوط منها.
أمثلة على استخدام استراتيجية تدريس الأقران:
مثال: يطلب المعلم من الطلاب مسبقاََ تجهيز وتحضير درس المثلثات ليقوم كل طالب بشرح جزء منه.
تبدأ الحصة و يقسم المعلم الطلاب إلى مجاميع ثنائية بحيث تستلم كل مجموعة قسم من الدرس.
وعلى سبيل المثال، إحدى المجموعات استلمت قسم المثلث متساوي الأضلاع.
يبدأ الطالب الأول: وهو عبارة عن مثلث أضلاعه الثلاثة متساوية، والزوايا الثلاثة فيه متساوية بحيث تكون كل منها 60 درجة…
ويستمر الطالب بالشرح بمساعدة زميله حتى انتهاء قسمهم وبداية قسم المجموعة الأخرى.
وهكذا حتى انتهاء كل الدرس، وبداية تقييم المعلم لأداء كل طالب وتصحيح الأخطاء التي ارتكبها أثناء الشرح.
وبذلك تكون استراتيجية تدريس الأقران التي كان هدفها الأساسي اعتماد الطلاب على أنفسهم في تحليل واستقبال المعلومات وفي ترسيخها وتثبيتها لديهم على الذاكرة البعيدة.